إن أحد اهم الأسباب التي دفعتنا في الاتحاد الشعبي الجمهوري منذ أكثر من سنة الى المطالبة بتفعيل الفصل 80
هو حرصنا على إصلاح الممارسة الديمقراطية وفي مقدمتها دور الاعلام في الحياة السياسية. ونحن نعتبر ان البدعة المستنسخة من الإعلام الفرنسي في اعتماد معلقين يعرفون بتسمية "الكرونيكورات" كان لها اسوأ الآثار على الرأي العام وساهمت الى حد كبير في اشاعة أجواء التشنج وزرع بذور الفتنة. وأغلب من توكل لهم هذه المهمة هم شخصيات لا علاقة لها بالإعلام ولا بأدبياته، قادمون من مهن شتى و غير مؤهلين للقيام بمهمة الإعلامي ، و من بين هؤلاء شخصيات ذات انتماء سياسي و تقلدت مناصب سابقا وتستغل الآن صفة الكرونيكور لتوظيفها لاحقا في محطات انتخابية قادمة ومنهم من يمارس نشاطه في الحياة العامة ولا يخفى على أحد سعيه في لعب أدوار سياسية ، و فيهم المنحاز صراحة لشق سياسي دون آخر. ولا يجد هؤلاء حرجا في التهجم على الأحزاب او الشخصيات السياسية وكيل التهم جزافا ونصب المحاكمات الإعلامية دون دليل أو أهلية.
كل ذلك يجرى بتعلة التعليق حرّ ولا يجدون حرجا في دعوة كل من وصموه باللجوء الى القضاء ، وكأن القضاء لا شغل له سوى الانتصاب عقب كل منبر إعلامي . والواضح ان منطلقات التعليق على الشأن الجاري مجانبة تماما للصواب اذ الأصل ان يقلب المعلق الوقائع على مختلف اوجهها تاركا للمتقبل حرية الاستنتاج لا ان يفصح عن رأيه الخاص الذي لا يعبر في النهاية إلاّ عن موقفه الشخصي ، وليس لرأيه من أهمية تفوق آراء غيره عدا أنه حضي بفرصة الظهور الإعلامي.
والاتحاد الشعبي الجمهوري الذي لم يتوان في دعم الهايكا حين طعن في شرعيتها آخرون وساند قرارها فيما يتعلق بالقنوات المارقة عن القانون فإنه يدعوها :
● لممارسة دورها الرقابي على الخطاب المروج له وضرورة الالتزام بضوابط الإعلام المحايد والنزيه.
كما يدعو نقابة الصحفيين الى حماية المهنة من الدخلاء حيث أصبحت مرتعا لكل من هب ودب.
● ويشدد الاتحاد الشعبي الجمهوري على ضرورة ان تتولى الهايكا : فرض وثيقة يلتزم فيها كل كرونيكور أو من يتولى التعليق في وسائل الإعلام بعدم الترشح لأي انتخابات سياسية قبل خمس سنوات من توقفه على هذا النشاط لما فيه من تعارض مع مبدأ الحياد وتساوي الحظوظ والفرص بين التونسيين على أن يُضمَّن هذا الشرط لاحقا في القانون الانتخابي. ولنا مثال على مل نقول
ما يحدث الآن في فرنسا من تداخل للأدوار وتوظيف الإعلام لمآرب سياسية وخدمة لطموحات شخصية. وإلا ما الفائدة من تحجير امتلاك وسائل الاعلام على الأحزاب؟
● يؤكد الاتحاد الشعبي الجمهوري على تمسكه بمطلبه في إرساء "مجلس أعلى للإعلام " يحظى بواسع الصلاحيات ويسهر على الإصلاح والتعديل الذين يراعيان خصوصيات المهنة الإعلامية في كنف المحافظة على المنسوب العالي للحريات لتجاوز حالة العقم والتشنج وتداعياتها الخطيرة على التجربة الديمقراطية .
محمد دخيللي
عضو المكتب المكتب السياسي